العقل البشري يعمل بناءًا على تجاربه السابقة في التعامل مع الأشياء المحيطة و التي اكتسب منها خبراته واستخدم هذه الخبرة في التعامل مع الأشياء الجديدة حتى استطاع أن يضيف خصائص كل شئ الى الخبرة المخزنة لكي يكوّن النموذج الخاص به و الذي يُمكنه من الكفاءة في التعامل مع كل شئ على حدا وبما إن العقول البشري لا تمتلك نفس الخبرات إذن فهي لا تمتلك نفس النموذج .
فما هو النموذج العقلي ؟
هو تفكير الشخص لعمل شئ معين مستندًا في ذلك الى خبراته و تجاربه السابقة و التي ينبع منه التصور البديهي للتعامل مع الأشياء .
وهذا يعني أنه يعتمد على معتقد (ما يعتقد المستخدم أنه يعرفه) وليس حقائق بمعنى ان المستخدم لا يرى حقيقة التطبيق ولا يتعامل معها من وجهة نظرك كمصمم و إنما يتعامل معه بناءًا على تصوره البديهي الذي استمده من تجاربه السابقة لكيفية الإستخدام وبما أننا اتفقنا على إختلاف النماذج العقلية للمستخدمين الخاص فلذلك تختلف أفعال وقرارت كل مستخدم عن الآخر و من هنا يمكن أن يتعامل مع كل واجهة مستخدم أكثر من نموذج عقلي وبالتالي طرق الإختبار هي الفيصل الوحيد .
النماذج العقلية في تغيير مستمر لأنها مدمجة بعقل المستخدم الذي يتعرض بإستمرار الى كثير من المتغيرات و الخبرات الإضافية التي يكتسبها من التحدث مع مستخدمين آخريين أكثر خبرة أو من تطبيق بعض المفاهيم و الأمثلة التي يحصل عليها من مواقع أخرى .
و من هنا نشأ مفهوم يسمى بالـ Mixed-Up Mental Models
نشأت معظم مشاكل قابلية الإستخدام (usability) من هذا المفهوم
فمثلاً النموذج العقلي عند كثير من المستخدمين لا يستوعب أن عملية البحث رغم أنها منحصرة في كونها query له return الا ان كل return يختلف عن الآخر طبقا لغرض العملية هناك مثلاً عمليات بحث تقوم على full-text و العائد منها يكون معلومات و تفاصيل و هذا يختلف عن عمليات أخرى تستخدم كدليل للتعرف على أشخاص من أسمائهم أو عناوينهم أو أرقام هواتفهم لكن ينتظر دائمًا المستخدم عائد معين بصرف النظر عن طبيعة العملية لأن نموذجه العقلي يقول “البحث هو البحث و ما طلبته لابد له من نتيجة مفصلة” و إذا لم يجد ما يريد يصاب بالإحباط و اليأس من إستخدام الموقع و البحث عن موقع آخر يتوافق مع تصوراته و تجربته القديمة للإستخدام .
و من هنا نشأت الفجوة بين النموذج العقلي للمستخدم و المصمم
فالمصمم دائمًا يبني تصميمًا ذو نموذج عقلي من ابداعه الخاص دون الأخذ في الإعتبار النموذج العقلي للمستخدم لإعتقاده أن هذا هو البديهي و لذلك لا يقوم بدراسه كافيه عن طبيعة النماذج العقلية للمستخدمين .
ولذلك كان لابد من فهم كيفية عمل النموذج العقلي للمستخدم جيدًا حتى نتمكن من:
- استيعاب مشاكل قابلية الإستخدام(Usability) .
- ايجاد حلول في تطوير النموذج العقلي للمستخدم دون اللجوء الى هدم النموذج القديم كاملاً حتى لا يُصاب المُستخدم بالإحباط .
- سد الفجوة بين النموذج العقلي للمصمم والمستخدم .
وما الحل إذن في سد هذه الفجوة ؟
أمامك خيارين:
الأول : جعل التصميم متوافق تمامًا مع النموذج العقلي للمستخدم دون الإخلال بإبداعيته و ذلك بجعله أقرب لتصوراته و تجاربه الماضية و هذه طريقة جيدة لإختبار هيكلة المعلومات في عقل المستخدم ، فإذا كان يبحث عن شئ ما في إتجاه خطأ فتقوم أنت بنقل الشئ في المكان الذي اعتاد عليه و أشهر الطرق المُستخدمة في ذلك (card sorting) و هي عملية مسؤلة عن تنظيم وهيكلة المعلومات بطريقة مفهومة و من ثم تلبي توقعات المستخدمين وتنقلاتهم وفقًا لتصوراتهم وتجربتهم .
وتشمل ثلاث عمليات:
- بناء هيكل الموقع
- تحديد ما يجب وضعه في الصفحة الرئيسية
- تسمية الفئات وكيفية التنقل
الثاني : تحسين النموذج العقلي للمستخدم بحيث يتعامل مع تصميمك كما هو ولا تلجأ الى مزيد من التعديلات و ذلك بمزيد من التوضيح لأغراض العناصر بإستخدام (tool tips) والتي توضح للمستخدم لمحة عن غرض العنصر الذي يقف عليه و أيضًا جعل تسميات الفئات واضحة و الذهاب و العودة بين الرئيسيات والفرعيات سهل و عرض المعلومات بطرق مختصرة و مفهومة .
ماذا قالوا عن النموذج العقلي ؟
قال جاكوب نيلسون طبقًا لقانون تجربة المستخدم الذي أصدره “يقضي المستخدمين معظم أوقاتهم على مواقع اخرى غير موقعك وبالتالي جزء كبير من النماذج العقلية التي تتعامل مع موقعك تتأثر بالتجارب والتصورات والمعلومات التي تسمتدها من المواقع الأخرى “
اذا حللنا الأسباب التي وراء المقولة السابقة سنجد أن العديد من عناصر التصميم أصبحت شائعة جدا في كل موقع وهذا ما يجعل المستخدمين يتوقعون أن كل هذه العناصر ستعمل بالطريقة نفسها في كل المواقع و ذلك طبقًا لثلاث حالات مختلفة .
- الحالة الأولى و التي تعتمد على المعيارالذي يقول أن 80% من المواقع تستخدم نفس المنهجية في التصميم ولذلك عند زيارة المستخدمين لموقع جديد يستخدمون بعض عناصر التصميم بنفس الطريقة التي اعتادوا استخدامها .
- الحالة الثانية من 50 إلى 79% من المواقع تستخدم نفس طريقة التصميم بناءًا على اتفاقية مُسبقة و من ثم عند زيارة المستخدمين لموقع جديد فيتعاملون مع بعض العناصر بنفس الطريقة التي اعتادوا عليها .
- الحالة الثالثة هي إختلاف تلك العناصر حيث لا توجد منهجية موحدة للتصميم وحتى المنهجية الأكثر شعبية لتصميم بعض العناصر تُستخدم من قِبَل 49% من المواقع و في هذه الحالة يعجز المستخدمون عن توقع كيفية الإستخدام لباقي العناصر عند زيارتهم لموقع جديد .
قال أيضًا اينشتاين “هدم نموذج عقلي أصعب من إنشطار ذرة”
لكن في المقابل تغيير واجهة مستخدم من أجل نموذج عقلي خاطئ أمر مرهق و مُكلف فإذا أردت صنع تميز في واجهة المستخدم فلا يجب أن تكون على حساب النموذج العقلي للمستخدم لأن أغلب المستخدمين لن يستوعبوا هذا التميز وبالتالي سيصابون بالإحباط كما ذكرنا .
الخاتمة
في عمليات اختبار التصميم تستطيع أن تستشف النموذج العقلي للمستخدمين بتحديد اذا كان التصميم متوافق مع تنبؤات المستخدمين وتصوراتهم أم لا و من ثم تستطيع تعزيز النموذج العقلي عندما تعرض المفاهيم بتصميم يحمل رسائل بصرية معبرة وبهيكلة منظمة عندها تتطابق تجربة المستخدم مع ما يتوقعه .