فى أوائل القرن العشرين وقف Alfried Bient مخترع اختبار الذكاء الاصطناعى IQ معارضا بشدة لتعريف بعض الفلاسفة للذكاء العقلى على انه سمة فردية ثابتة الكمية و غير قابلة للزيادة او التطوير،فذكر أنه مع الممارسة و التدريب يمكننا تطوير تلك القدرات التى خُلقت معنا، فمع العمل الجاد و الإجتهاد يمكن رفع مستوى الانتباه و التذكر و تطوير مهارتنا العقلية لنبدو فى نهاية الأمر أكثرا ذكاءاً.
فصناعة النجاح من وجهة نظر الباحثين فى مجال Mindset لا تعتمد ابداً على القدرات التى خُلقنا بها، و لكنها تعتمد على قدراتنا على الإلتزام بالممارسة و التدريب لتطوير تلك القدرات.
و لكن هل يعنى ذلك اننا خلقنا جميعا أذكياء ؟؟
ان كان الأمر كذلك.. ما السبب وراء تلك الفروق الفردية بيننا ؟؟
هذا السؤال كان السبب وراء تبنى الباحثين لدراسة Mindset فى محاولة للوصول إلى إجابة أكثر عمقاً بعيدة عن السطحية.. ليأتى السؤال الأهم الأن..
ما هى Mindset ؟؟
Mindset هى السلوك العقلى الذى يحدد كيفية تفسيرك و إستجابتك للمواقف و المحفزات..
و هذا التعريف لا يختلف كثيراً عن تعريف Carol S. the Dweck و الذى يعد اهم رواد هذا المجال، و الذى إكتفى بتلك الكلمات المختصرة لتعريف Mindset فى أنها تتلخلص فى ايمانك بنفسك و قدراتك.. و انها تنقسم الى نوعين و هما fixed and growth.
“A mindset is a belief about oneself and one’s basic qualities”
إتفقت تلك التعريفات مع رأى Benjamin Barber إحدى علماء الإجتماع التى صرحت أنها لا تصنف الأشخاص فى هذا العالم بالأقوياء أو الضعفاء، أو الناجحين و الخاسرين بل إن تصنيفها يتخلص فى المتعلمين و غير المتعلمين فقط.
”I don’t divide the world into weak and strong or successes and failures. I divide the world into learners and non learners.~ Benjamin Barber
و لكن اذا كانت Mindset هى طريقة و أسلوب للتفكير يعتمد على تدريب عقولنا لرفع مستوى مهارتنا..
فما الفرق بين fixed and growth Mindset ؟؟
growth Mindset أسلوب يتعامل مع العقل على إنه إحدى العضلات الموجودة فى جسم الانسان، و التى تحتاج الى التغذية لتنمو و التمرين لتصبح اكثر قوة.. و هذا يعنى أن..
العقل هو أثمن المعادن القابلة لتشكيل..
فالعقل البشرى يتميز بمرونته و قدرته على التشكيل و التطور. فهناك الكثير من الحقائق العلمية التى أثبتت ان الممارسة و التمرين تمنح عقلك القدرة على رفع كفائته فى العمل.
فبمجرد منح عقلك الفرصة للممارسة و تعلم شئ جديد، تجده يمنحك طرق جديدة للتواصل و التعامل لتبدو أكثر ذكاءاً و احترافاً.
الذكاء لا يقتصر على المتفوقين دراسياً..
سمة الذكاء لا تقتصر فقط على الأشخاص الأعلى فى التقيمات الدراسية، بل انها إحدى المنح التى وُهبت لنا جميعا، و لكن الفرق هو طريقة تعامل كل منا معها.. فهناك اشخاص قادرين على العمل عليها و التركيز على التدريب لمضاعفة تلك القدرات العقلية.. هؤلاء الأشخاص هم ما نطلق عليهم اليوم العباقرة أو عظماء العالم
الامثلة على ذلك كثيرة .. لنرى بعض منها..
Churchill
هل تعرف من هو Winston Churchill ؟؟
إنه إحدى الطلاب التى تم تقيمه دراسياً بأنه الاضعف و الاقل مهارة بين زملائه، و لكن المذهل هو ما استطاع Churchill تحقيقه على مدار سنوات حياته..
Churchill هو أهم رجال السياسة و إحدى قادة الحرب العالمية الثانية فى بريطانيا . فهو رئيس الوزراء الوحيد الذى استطاع الحصول على جائزة نوبل فى الأدب.. فاستطاع إثبات جدارته ليس فقط فى السياسة بل ايضا فى الفن و الأدب.
Beethoven
بيتهوفن الذى تم تصنيفه على أنه أعظم عباقرة الموسيقى فى جميع العصور، و أكثرهم تاثيراً، بل انه له الفضل الأكبر فى تطوير الموسيقى الكلاسيكية.
و لكن …
ما قد لا يعرفه الجميع عن بيتهوفن أنه فى عمر الثلاثين اصبح أصم، و لكن هذا لم يمنعه عن منح العالم أعظم الألحان الموسيقية، و أنه عانى ايضا أثناء فترة دراسته فوصفه المدرسون أنه ميئوس منه.
Mindset هى طريقة تفكير قائمة على الالتزام بالممارسة و التدريب، لمعرفة و اكتشاف المزيد و التعلُم بلا توقف .. و هذا الأسلوب قادر على منحك القدرة على تحقيق أهدافك بنجاح سواء الشخصية أو العملية .
الخطوات اللازمة لتطوير growth Mindset..
Step #1: Learn, learn, learn
Step #2 Realize hard work is key
Step #3 Face setbacks
فإتخاذ growth Mindset كمنهج للتفكير، و إتباع الخطوات السابقة ليس بالامر الإختيارى أمام البعض.
و لكن..
قد تكون هذه الخطوات و هذا المنهج هم الطريق الذى يجب ان تتبعه ليس فقط فى حياتك الشخصية بل فى حياتك العملية ايضاً.
فتحقيق النجاح فى مجال التصميم بوجه عام، و تصميم تجربة الاستخدام User Experience بوجه خاص مرهون بمدى قدرة المصمم على فهم و إستيعاب تلك الطريقة التى يعمل بها العقل البشرى. ليكون قادر على فهم عقلية المستخدم بشكل أكثر عمقاً.
و حينها يصبح المصمم قادر على معرفة ما يجب ان يقدمه للمستخدم فعلياً ؟؟ و ما هى إحتياجاته ؟؟ و ايضا يكون قادر على تقديم عمله فى الوقت الأمثل، و من ثم تحليل النتائج فى نهاية الأمر.
فالمستخدم هو جوهر عملية التصميم، و هذا ما يجعل الهدف الأساسى من تلك العملية يدور حول منح المستخدم تجربة استخدام جيدة أثناء تفاعله مع المنتج أو الموقع،و هذا يعنى نجاح المصمم فى تقديم تصميم موجه للمستخدم بشكل اساسى User-centered design. و مدى نجاح هذا الأمر متوقف على إمتلاك مصمم UX بعض المهارات العملية و التى تعتمد بشكل أساسى على Mindset كطريقة للتفكير.
5 مهارات عملية يجب ان يمتلكها مصمم تجربة الاستخدام UX..
- النظر لمشاكل التصميم من جميع الزوايا.. للوصول للحل الأمثل..
مصمم UX دائما فى حاجة الى إمتلاك منظوره الخاص، الذى يجعله قادر على إستيعاب المشاكل الأكثر تعقيداً دون الحاجة الى الغوص فى التفاصيل.
فوظيفة مصمم تجربة الإستخدام لا تقتصر على كونه قادر على جعل المستخدم ينهى مهمة ما بالنقر على زر محدد. بل ان وظيفته الأساسية هى اكتشاف المشاكل التى قد تواجه المستخدم اثناء تفاعله مع المنتج أو الموقع، و معرفة المؤثرات المختلفة التى تلعب دوراً كبيراً فى إتمام هذه العملية و من أبرزها..
طريقة تفكير المستخدم Mindset ، الخبرات السابقة، المنتجات المنافسة.. و من هنا يكون المصمم قادر على تقديم نظام يتفاعل مع المستخدم بالشكل الأمثل.
2. التركيز على الهدف الأساسى للتصميم و البعد عن المشتتات..
القدرة على التركيز على الهدف الاساسى للتصميم و عدم الإنحياز عنه، تجعل المصمم قادر على التعامل مع المشاكل الصعبة التى تواجهه أثناء هذه الرحلة.
فمصمم UX يجب ان يكون قادر على وضع الإفتراضات، و جمع البيانات الأولية التى تمنحه بدورها القدرة على.. تحويل الأفكار اللفظية الى مفاهيم بصرية من خلال عمليتى التصميم و التطوير.
3. الملاحظة و التعلم المستمر.. Mindset ..
عالم التصميم مليئ بالمتغيرات و التطورات. و هذا ما جعل مصممى UX دائمى البحث عن المعرفة و الإكتشاف. و جعلهم يسيرون وفقا لمنهج growth Mindset فيكونوا دائمى التطلع للعلم بدون كلل، ليكونوا قادرين على مواكبة تلك التغيرات و التطورات التكنولوجية.
4.القدرة على التواصل بشكل أكثر فعالية..
يمتلك مصممى UX قدرات فعالة فى التواصل مع الأخرين، و هذا هو نتاج تعاملهم بطريقة Mindset التى تجعلهم قادرين على فهم طريقة تفكير الأخرين، و بالتالى يكونوا قادرين على توصيل أفكارهم بشكل أكثر سرعة.
فهم دائما قادرين على توصيل أفكارهم سواء عن طريق الكلمات اللفظية مثل سرد القصص أو المصطلحات الخاصة بعالم التصميم، أو عن طريق التصميمات البصرية التى تتمثل فى النماذج الأولية، و الإطارات الشبكية wireframes، أو عن طريق مجموعة من الإسكتشات.
5. التركيز على المستخدم..
من الضرورى فهم المستخدم و طريقة تفكيره و العوامل البشرية التى تحدد قدراته، فالمنهج المتبع لدى مصممى UX هو التصميم القائم على المستخدم User-centered design.و ليحدث هذا يجب ان يستطيع المصمم الاجابة على تلك الأسئلة :
ما هى المشكلة ؟؟ و من هو المستخدم ؟؟ و لماذا سنقوم بحل تلك المشكلة و كيف ؟
و أخيراً ما هو الهدف النهائى من تلك العملية ؟؟
بعد التعرف على تلك المهارات، يمكننا معرفة مدى أهمية Mindset كطريقة تفكير بالنسبة لمصممى تجربة الاستخدام UX.
الخلاصة..
الملاحظة المستمرة و التطلع الى التعلٌم بلا توقف هم العامل المشترك بين Mindset و UX.. و التى ينتج عنهم مصمم تجربة استخدام قادر على منح المستخدم لحظات لا تنسى أثناء تفاعله مع المنتجات أو الأنظمة أو المواقع.تلك اللحظات هى التى تشكل تجربة إستخدام جيدة.. التى تعنى فى نهاية الأمر الوصول الى تصميم ناجح و أكثر فعالية.